تقول الحكاية إن هناك إمرأة لديها ولد إسمه أبونيه
تقول الحكاية إن هناك إمرأة لديها ولد إسمه أبونيه ، وبعد أن ضاق به المقام في بلده قال لأمه يا أمي هل تأذنين لي بالسفر؟ فقالت إلى أين يا ولدي العزيز؟ فقال لها بلاد الله واسعة، فقالت له وأنا لمن تتركني؟ فقال لها سأتركك تحت رعاية الله سبحانه وتعالى حتى أصل سالما وأجد لي عملا ثم أحضر واخذك معي إلي هناك، فقالت وهل ستسافر وحدك إنني خائفة عليك، فقال لها كلا يا أمي هناك قافلة سوف تسافر في الغد وسوف أرافقها، فقالت له لماذا لا تظل هنا وتعمل في أي عمل يناسبك وسوف يرزقك الله؟ فقال لها لقد جربت كل الأعمال يا أمي ولكن الحظ كان معاندي وضدي فدعيني أسافر
واطلبي من الله أن يساعدني ويوفقني فدعاء الوالدين مستجاب بإذن الله.فقالت له أنا خائفة عليك ولا أريدك أن تسافر وحدك، فقال لها ومن قال لكي أني سأسافر وحدي سوف أسافر مع قافلة وليس وحدي… فقالت له ولكن ستعيش وحدك من يطبخ لك ومن يغسل لك ثيابك ومن يسهر على راحتك؟ فقال لها أرجوك يا أمي وافقي فأنا لا أريد أن أغضب خاطرك أريد موافقتك ودعائك لي، فقالت له أمرى لله وودعتك الله يحفظك ويجمعني بك عن قريب إنه سميع مجيب، فقال لها ونعم بالله الان ارتاحت نفسي وأعدك بأنني سوف أحضر واخذك معي دعيني أجرب حظي فربما يكون رزقي في بلد غير بلدي
فخرج ابونيه وأخذ معه بعض الزاد وقليلا من الماء وخرج ليلحق بالقافلة ولما وصل إلى المكان المتفق عليه وجد أن القافلة سافرت فخاف أن يرجع إلى امه ویخبرها وتمنعه من السفر فواصل السیر وهو راکب علی بعیره لعله يلحق بالقافلة.وفي الطريق وبعد يومين من السفر وجد رجلاً ، يمشي كأنه مسافر فقال ” أبو نيه ” لنفسه لماذا لا أسأل هذا الرجل فإذا كان مسافراً آخذه معي على البعير يساعدني ويؤنسني في الطريق : فأوقف أبونيه بعيره وسال الرجل إذا كان مسافرا أم لا، فقال الرجل ر نعم أنا
مسافر إلى مدينة الأحزان، فقال له أبو نيه وما هي مدينة الأحزان؟ فقال له الرجل أنها ليست بعيدة عنا مسافة ثلاثة أيام أو أكثر بقليل ، وفي الماضي كانت تسمى مدينة الأفراح ثم مرض سلطانها وابنته فسميت بمدينة الأحزان فقال له أبو نيه الشكر لله سبحانه وتعالى الذي جمعني بك سوف نستريح قليلاً ثم نواصل السفر فقال الرجل بكل سرور فجلسا وصنعا القهوة واستراحا ثم ركبا البعير فسال الرجل أبو نيه وقال له ما اسمك يا أخ العرب؟ فقال أبونيه اسمي: أبو نيه فقال الرجل ماذا؟ فقال اسمي أبو نيه!
فظن الرجل أنه يضمر له شيئاً في نيته فقال له ما هذه الصدف العجيبة أنت ، اسمك أبو نية وأنا اسمي أبو نيتين فقال له أبو نية: إسمك أبو نيتين، فقال له الرجل تصور حقا أنها صدفة، فقال أبو نية نحتاج يا أبو نيتين إلي ماء فهل تذكر لنا في طريقنا بئرا نرتاح عنده ونشرب منه ماء ونسقي البعير؟ فقال نعم أعرف بئراً سبيل وهو في طريقنا سوف نقف عنده ونستريح ونشرب فقال ابو نيه هذا حسن… فلما وصلا إلى البئر قال أبو نيه إنه عميق وليس لدينا دلو يصل إلى قاعه فماذا نفعل؟ فقال أبو نيتين بسيطة أنزل أنا وأشرب ثم تنزل أنت وتشرب فقال أبو نيه موافق فنزل الرجل أولا وشرب ثم خرج ولما نزل أبو نية سحب الرجل الحبل وترك أبو نية في البئر وسرق الناقة بما حملت وهرب وأخذ أبو نيه يناديه
ويستعطفه ولكن دون فائدة فقد ذهب الرجل بعد أن أخذ الجمل بما حمل وظل أبو نية في البئر يندب حظه العاثر الذي جمعه مع أبو نيتين حتى حل المساء وأظلمت الدنيا وزادت ظلمة البئر سلم أبو نية أمره إلى الله ونام وعندما انتصف الليل سمع صوتاً غير عادي فوق البئر فصحا من نومه وأخذ ينتظر نزول الدلو حتى يتعلق به ولكن الدلو لم ينزل وإنما كان هناك ضحك نساء فخاف ووقف شعر جسمه وقال في نفسه كيف تأتي النساء في الليل إلى هذا المكان لابد أنهن ساحرات ثم سمع واحدة منهن تقول هل تدرين يا أختي أن سلطان مدينة الأفراح مرض بسببي؟ فقالت كيف فقالت الساحرة أنا التي أدخلت المرض في جسمه لأنني في يوم من الأيام تصورت في صورة قطة ودخلت القصر فأمر بقتلي وهذا عقاب له ودواؤه بسيط فهو عبارة عن عصير برسيم وعصير شعير يشربه سبعة أيام صباحاً ومساء وبعدها يشفي ولأنهما من أكل الحيوانات لم يجربهما الأطباء له ولم تخطر على بالهم فقالت الثانية وهل تعرفين أنني التي أحدثت شللاً في جسم ابنة السلطان وأعميت عينيها فقالت لها الساحرة الأولى
وكيف؟ فقالت في يوم من الأيام تصورت لها بصورة عصفور ووقفت علی نافذتها وما ان راتني حتی قامت ترجمني بالحصی و الحجر فدخلت في جسمها وأصابها الشلل ثم العمى ودواؤها بسيط جداً، فقالت لها الساحرة الأولى وما هو دواؤها فقالت الشلل دوائه طين أحمر يصفي جيداً ويدهن به كل جسمها لمدة سبعة أيام والعمى يؤخذ له ورق السدر وينشف ويطحن وتكحل به لمدة سبعة أيام ولكن الإنس أغبياء ولم يصلوا إلى الآن إلى مستوى الجن.. فقالت واحدة منهم وهناك كنز مدفون تحت الجبل لو ذبحوا على زاوية الجبل ثوراً أسود لفتح باب المغارة ووجدوا الكنز ولكن الإنس أغبياء، وأبو نية جالس في البئر يسمع كلامهن ويسجله في قلبه ثم انصرفن مثلما أتين وظل أبو نية يفكر في كلامهن ويردده في سره حتى حفظه جيداً.. وفي الصباح مرت قافلة على البئر وأنزلوا دلوهم فمسك به أبو نية وصاح الساقي بسم الله الرحمن الرحيم أنس أم جن فقال له أبو نية إنس أرجوك أخرجني من هنا فقال له الساقي وماذا تعمل في البئر؟ فقال له أبو نية لقد خدعني صاحب تعرفت عليه في الطريق فأتينا إلى البئر لنشرب فغدر بي فأخرجه الرجل من البئر واعتنى به وأخذه معه إلى مدينة الأحزان ولما وصل أبو
نية إلى مدينة الأحزان وجدها فعلا مدينة حزينة خاوية علی عرشها فجلس یستریح في مقهی فساله صاحب القهی هل انت غريب عن هذه البلدة؟ فقال له أبو نية نعم أنا غريب وأتيت إلى هنا للعمل فقال له صاحب المقهى وأي عمل ترتجيه في مدينة الأحزان فهذه المدينة كانت أكبر مركز تجاري وكان خيرها عاماً على كل المنطقة ولكن بعدما مرض السلطان وابنته صرف كل أمواله وأموال الدولة على الأطباء الذين توافدوا من كل مكان لعلاجه وعلاج ابنته ولكن دون فائدة فالسلطان لازال مريضاً وابنته كذلك والمدينة أصبحت ملجاً للمحتالين ومن يدعي الطب والسحر والمعرفة فقال له أبو نية ولكنني لست منهم فقال صاحب المقهى أرجو ذلك… وبعد عدة أيام ذهب أبو نيه إلى قصر السلطان فسألوه من تكون أنت؟ فقال لهم أنا طبيب فقالوا له لقد أتيت متأخراً فالسلطان لا يريد أطباء، فقال لهم أنا طبيب متبرع لا أريد مالاً فقط سأعرض خدماتي وإن شاء الله ستعود بالنفع على مولانا السلطان، فقالوا له سوف نسأل السلطان ونرجع لك بالجواب، بل أنا أريد مقابلة السلطان، فقالوا له ولكن السلطان لا يقابل أحداً فهو داخل في غرفة نومه، فقال قولوا له أنا أريد أن أقابله لمصلحته فذهبوا فجهزوها له ودخل عليها ومسح على جسمها وبعد ثلاثة أيام أخذت تتماثل للشفاء وبعد أسبوع شفيت تماماً وقامت من سريرها
وأصبحت طبيعية وفرحت وفرح السلطان ثم باشر عمله وأحضر ورق السدر وطحنه وأخذ يكحل عين الأميرة وبعد أسبوع شفيت الأميرة من مرضها تماما وأصبحت ترى كل شيء بعد أن كانت مشلولة وعمياء فقال السلطان لأبونيه لا أعرف بماذا أجازيك أيها الطبيب لقد أعدت البسمة إلى وجوهنا فقال له أبو نيه ليس الآن يا مولانا فقال وهل هناك شيء يا أخي، فقال له أبو نيه نعم يا مولانا فنحن والشعب نريد أن نفرح بهذا الإنجاز العظيم.. فقال السلطان سنقيم الأفراح في كل أرجاء المدينة وقراها فقال أبو نيه ليس في المدينة ولكن عند الجبل الذي خلف المدينة فقال السلطان ولماذا عند الجبل؟ فقال ستعرف كل شيء في حينه فقال السلطان مثلما تريد، فقال أبو نيه أريد إحضار ثور أسود خاص بي أنا،
فتعجب السلطان من طلبه وقال: ثور أسود لماذا؟ فقال أبو نيه لا أستطيع أن أخبرك شيء الآن المهم أن تجهزوا لكم ما تحتاجونه للحفل واتركوا مسألة الثور لي أنا، فأمر السلطان بإعداد كل شيء وذهبوا إلى الجبل ونصبوا الخيام وعلقوا الزينة هناك ولما تم ذلك ذهب موكب السلطان يتبعه أهل القرية إلى ناحية الجبل..وبينما الناس ترقص وتغني فرحانه ومستبشره ذهب أبو نيه والسلطان وأخذا معهما الثور وذبحاه في المكان المطلوب فتحركت الصخرة وظهر من ورائها الكنز فقال أبو نيه للسلطان هذا الكنز لك يا مولانا، فقال السلطان لي أنا؟ فقال أبو نيه أطلب ماذا تريد، فقال له أريد الأميرة زوجة لي. فقال له السلطان أعطيك الأميرة والإمارة فمن اليوم أنت السلطان وأنا من رعيتك فتزوج أبو نيه الأميرة وأصبح سلطانا لمدينة الأفراح بعد أن عادت لها الأفراح وأرسل في طلب أمه فحضرت وفرحت كثيراً فشاع الخبر في كل أرجاء المعمورة بأن أبو نية تزوج بنت السلطان وأصبح سلطاناً عليها فسمع أبو نيتين بالخبر وقال في نفسه لابد أن هناك سر في البئر الذي تركت فيه أبو نيه ولابد أن أذهب إلى هناك فذهب ونزل إلى البئر وفي المساء أتى السحرة واكتشفوا أمره فمزقوه إرباً إرباً.الحكاية من التراث القديم
#طارق_عجومات