أنه كان هناك رجل عجوز بلغ من الكبر عتيا وكان لديه ثلاثة أبناء، أراد العجوز أن ينصح ابناءه ويعلمهم حكمة السنين
يحكي أنه كان هناك رجل عجوز بلغ من الكبر عتيا وكان لديه ثلاثة أبناء، أراد العجوز أن ينصح ابناءه ويعلمهم حكمة السنين التي جمعها بعد تعب وكفاح .. أحضر الرجل ابناءه الثلاثة وقال : يا أحبابي إن سني تقدمت وقد ارحل قريباً عن الحياة وقد تعلمت من عمري الطويل أن العمل والجد من اسمي صفات الانسان فلا تتكاسلوا يوماً وابذلوا كل جهدكم بصدق ولا تضيعوا اوقاتكم فالوقت هو ثروة الإنسان .
نظر الابناء الي ابيهم في صمت واحترام وهو لا يدركون ماذا يريد والدهم بهذه الكلمات، واصل الاب نصائحه قائلاً : لقد جمعتكم لأخبركم انني اشعر ان السماء ستسقط قريباً هدية ثمينة فأرجو منكم أن تحصلوا علي هذه الهدية لأنفسكم ولا تدعوها تفلت منكم .. نظر الابن الكبير الي والده بتعجب وقال : يا ابي ان السماء لا تسقط هدايا لم نر ذلك ابداً، نظر الاب الي ابنه بعطف وقال : يا بني السماء تمنحنا آلاف الهدايا في كل يوم ولكن لا يحصل عليها الا من يستحقها .
قال الابن الاصغر : كيف نعرف اننا نستحق هذه الهدايا ؟ قال الاب : السماء تقدم الهدايا للجميع ولكن هناك من يقبلها وهناك من يرفض ، قال الابن الاوسط بتعجب : وهل يوجد من يرفض الهدية؟ قال الاب : كثيرون يفعلون ذلك ، قال الابناء : وماذا نفعل يا ابي ؟ قال الاب : اذهبوا يا ابنائي وابحثوا عن هدايا السماء .. خرج الابناء الثلاثة من عند ابيهم في حيرة شديدة، قال الابن الاكبر : سأمكث امام باب البيت واراقب السماء حتي اري الهدية الساقطة فأقتنصها وادخل بها الي ابي .
قال الابن الاوسط : عشت هنا كثيراً ولم أر هدايا السماء التي تحدث أبي عنها، سأتجول بعيداً فربما تسقط الهدايا في اماكن اخري، جلس الابن الاصغر تحت شجرة وارفه وظل يفكر في كلمات والده، قال : ان السماء لا تمطر ذهباً او فضة ولكن الله خلق فيها اشعة الشمس القوية وماء المطر .. واظب الابن الاكبر علي الخروج المبكر في الصباح والبقاء حتي المساء امام البيت لا يفعل شيئاً غير امعان النظر في السماء بحثاً عن الهدية، سافر الابن الاوسط الي بلاد كثيرة، كان يسير وهو ينظر الي اعلي، لم يكن يشاهد حفر الطريق او الصخور، سقط واصطدم كثيراً لكنه واصل المسير .
ظل الابن الاصغر يفكر في كلام والده، حتي شاهد الغيوم ذات يوم تغطي السماء وتتلاقي في صدام شديد ويسيل المطر، أسرع الابن الصغير يحمل فاسه ويحيط الماء ويدفعه للسير فيي جداول صغيرة داخل قطعة أرض كبيرة يمتلكها الاب، قلب الابن التربة ووضع البذور وجذب ماء المطر ليغمرها، أينعت النباتات الصغيرة ، كسب وجه الارض برداء اخضر يانع .. بعد عدة شهور مل الابن الاكبر من البقاء امام البيت بلا فائدة او هدية ساقطة، دخل الي والده بشجاعة من حصل علي اكتشاف خطير .
قال يا ابي السماء لا تسقط هدايا، هذه حقيقة مؤكدة .. نظر الاب نحوه بشفقة وابتسم وقال له : اجلس يا بني، جلس الابن جوار والده في سكون تام، عاد الابن الأوسط بجروح كثيرة في ساقيه وذراعيه، كان الغيظ يمور في صدره، حاول الا يغضب والده لكن الألم الذي ينبعث من عظامه جعله يصرخ، لم أجد شيئاً يا ابي سرت انظر الي السماء كل يوم وفي كل مكان حتي كادت عظامي تتحطم .. نظر الاب نحوه وقال : اجلس بجواري يا بني حتي تلتئم جراحك، فجأة سمع الجميع ضجة امام البيت، تطلعوا من فتحة الباب، كان الابن الاسغر يسوق امامه قطيعاً من الخراف والماعز والحمير المحملة بثمار وغلال كثيرة .
دخل الابن مبتهجاً قبل يد والده وقال : شكراً لك يا ابي لقد ساعدتني لأحصل علي هدية السماء، تعجب شقيقاه وهتفا : هل أعطتك السماء الهدية ؟ قال الابن الاصغر : اعطتني هدايا كثيرة، ابتسم الاب وقال : أدركت يا بني الحكمة لا يوجد افضل من يد تعمل وعقل يفكر