غير مصنف

قصة رائعة قصة مريض بالشك

قصة مريض بالشَّك

كنتُ شاباً أختلف عن أقراني الذين كانوا يفضلون الارتباط بفتاة بعد علاقة حب ، برغم محاولات زملاء الجامعة ومن ثم زملاء العمل أن يفتحوا لي المجال كي أتعرف بفتاة من باب.

الزَّمالة لعلَّ تلك الزمالة تتطور لصداقة ثم حب وزواج لكني كنتُ أرفضُ رفضاً تاماً ، وأقول لهم :

-عندما أقرر أن أتزوج سأطلب من أمي أن تخطب لي فتاة ذات خلق ومن عائلة محافظة جداً ، لم يسبق لها أنْ عرفت شابَّاً قبلي .

فيردّون ساخرين :

-يارجل!! ، وكأنها إن أحبَّت شاباً ودخلت في علاقة غرامية معه ستعترف لك بذلك .

كنتُ أتضايق كثيراً من كلامهم بتلك الطريقة التي أصبحت تجعلني أشُكُّ بكل فتيات الأرض ، وأرى كل فتاة تسير بجانب أي رجل أنها ذات خلق سيئ ، بدون أن أعرف إن كان ذلك الرجل أباها أو أخاها أو زوجها ، وكم حمدت الله أنَّ أمي لم تُنجب فتاةً وإلا لأمضيتُ حياتي في مراقبتها والعزوف عن فكرة الزواج كلياً ، كي لا أنشعل بزوجتي وأفسح لها المجال بتلطيخ سمعتنا في الوحل ، فقد كنتُ على يقين بأنَّ الفتاة التي لا يراقبها أحد سيأتي يوم وتصبح بلا أخلاق.

إلى أن أتممت الخامسة والثلاثين من عمري ، فلم تعد تتوقف أمي ليلاً ونهاراً عن إقناعي بالزواج قائلة :

-يا بني إنَّ وضعك المادي فوق الريح ،لا ينقصك سوى امرأة بجانبك ، أريدُ أن أرى أولادك يلعبون أمامي ،و أسمع كلمة جدتي قبل أن يأخذ الله أمانته ، أرجوك دعني أخطب لك فتاةً بها كل المواصفات التي تريدها من جمال وأخلاق حميدة.

وبعد أن فتحت موضوع الزواج ألف مرة ، قلتُ لها :

-أمي ، أنا موافق أن تخطبي لي فتاة حتى لو كانت متوسطة الجمال وليست متعلمة والوضع المادي لعائلتها أقلَّ من المتوسط ، لكني أريدها فتاة ذات أخلاق عالية ، بل أريد أخلاقها كالفتيات اللواتي كُنَّ في زمن أجدادنا ، لا يرينَ العريس إلا في ليلة الزفاف ولا يخرجْنَ من المنزل إلا برفقة أحد من عائلتهن.

فردَّت :

-من دواعي سروري ، سأجد لك تلك الفتاة فما أكثر الأُسَر التي بها فتيات ذوات أخلاق حسنة .

-آملُ ذلك يا أمي .

زارت أمي أغنى العائلات وأرقاها ، وبكل مرة كانت تقول لي بأنها وجدَت الفتاة المناسبة ،وحدَّدَت موعداً لقدومي كي أتعرَّف بعائلتها ، ونرى بعضنا لكي نعرف إن كان هناك قبول متبادل وأتفق مع ولي أمرها على ترتيبات الخطوبة والزواج ، لكني عندما أذهب لرؤيتها وبعد أن يُخبروا أمي أنَّ الفتاة قد قبلت بي ، أتراجع وأقول لأمي بأنها لم تعجبني.

بعد مرور أشهر لم أقبل بأي واحدة منهن لأنهنَّ لم يرقْنَني على الرغم من جمالهنَّ الأخّاذ ، فلم أشعر بالراحة إطلاقاً وبكل مرة أقول في قرارة نفسي:

-إنها فتاة لم يحرمها والدها من أيّ شيء ، درسَت وعملَت وخرجَت وحدها بدون أي رقيب ، فما الذي يضمن لي أنها لم تقم بتصرفات لا أخلاقية مع شاب تحت مسمى الحب ؟!

….يتبع

قصة مريض بالشَّك الجزء الثاني

.

بعد أن يَئِستُ من قبولي بأيّ فتاة ،قلت لأمي والضّيق يتملّك قلبي :

-لقد ألغيت فكرة الزواج من رأسي.

-لماذا يا بني ؟!

-يا أماه ، لا أستطيع تقبّل أن أرتبط بفتاة تخرَّجَت من الجامعة وعملت ، وأنتِ لم تجدي ولا حتى واحدة لم تحصل على شهادة ، وكأنَّ المدينة قد خَلَت منهنّ . فلم تأخذيني سوى لرؤية فتاة جامعية وتعمل في مجال ما وعائلتها بوضع مادي ممتاز، وإما وحيدة لوالديها أو لا يوجد لديها أخ يكبرها سنَّاً.

اتَّسَعَت حدقتا عينيها من الدهشة :

-يا إلهي ما هذا الكلام ! ، لماذا لم تقل لي كل هذا من قبل ؟ .

يا بني أنا أبحث لك عن فتاة جامعية مثلك ووضعها المادي كوضعك ، ألم ترى المشاكل التي حدثت بيني وبين والدك كونه جامعي وأنا لست كذلك؟!

– أمي ، أنتِ لا تعرفين بنات هذه الأيام مهووسات بتقليد قصص الحب التي يشاهِدنَها بالمسلسلات التركية والأفلام الأجنبية ، وقد رأيتُ فتيات كثر بأم عيني سواء في الجامعة أو العمل يعشقن رجالاً تحت مسمى الحب والوعد بالزواج ، عدا عن القصص التي أسمعها من زملائي .

-يا بني ليست كل أصابعك تشبه بعضها ،فهناك الفتاة السيئة وذات الخلق الحسن.

حينها احتَدَّيتُ قائلاً:

-لا تقولي كلاماً لا تعرفي عنه شيئاً ، فأنتِ لم تدخلي الجامعة وتعملي قط ، ولو كنتِ كذلك لشككتُ بك أيضاً .

حينها تلَّقيتُ صفعةً منها وانهالت دموعها قائلة:

-لو أنَّ أبي سمح لي بالدراسة لم أكن لأترك المدرسة من الإعدادية ، لكنه أصرَّ على تزويجي أباك وأنا قاصر ، مع أنه يكبرني بعشرين سنة وكل ذلك فقط لأنَّه ثري ، وبنهاية المطاف طلَّقني وأنتَ بعمر الخمس سنوات وهجرنا ليتزوج امرأة تماثل وضعه الثقافي والمادي ،وهدَّدني أنه سيأخذكَ مني إنْ فكَّرْتُ بالزواج ، وبرغم ذلك لا يراك سوى بالمناسبات .

شعرتُ بتأنيب الضمير لأني جرحتها ، وبعد تفكير طويل بطريقة لأصالحها بها وأجعلها تنسى كلامي ، اعتذرت لها في اليوم التالي وقلت :

-لأجلكِ فقط سأتنازل عن فكرة أن تكون زوجتي ليست متعلمة ، وسأقبل بها إن كانت متعلمة وتعمل فقط في مجال تدريس طلاب الابتدائية ووضع عائلتها المادي متوسط ، والشرط الأهم أن يكون لديها أخ يكبرها سناً.

ثم نسيت موضوع الزواج لاعتقادي أنَّ أمي لن تجد فتاة بها المواصفات التي قلتها.

وبعد مضي شهر ، قالت لي والسعادة تغمر قلبها :

-قامت جارتنا بإعطائي عنوان أقربائها وأخبرتني أنهم عائلة محافظة جداً و وضعهم المادي متوسط ، قاموا بتربية ابنتهم الوحيدة على الأخلاق الحميدة وتعمل في روضة أطفال ، وإلى أن أتمت الخامسة والعشرين تقدمت عائلات كثيرة لخطبتها لكنها رفضت فكرة الزواج على الرغم من إقناع والديها وأخيها لها ، لأنها كانت ترغب أن تُكَرِّث حياتها في مساعدة أخيها الأكبر منها للاعتناء بوالديهما ، لكبرهما في السن ومعاناتهما من مرض السكري والضغط والقلب.

لم أصدِّق ما قالته أمي إلا بعد أن عادت وأخبرتني أنها اتفقت مع والدة الفتاة على كل شيء وحدَّدوا موعداً لقدومي.

ما إن قدَّمَت القهوة حتى شعرتُ براحة لا مثيل لها فقد كان وجهها يشعُّ براءةً لم أَرَها قَط بباقي الفتيات ، ولأني لم أرَ سوى والدها ، سألته عن ابنه فأجاب :

-لقد سافر منذ بضعة أيامٍ للعمل ، ولن يعود إلا بعد سنة ليمضي الإجازة الصيفية معنا ويعود لعمله مرة أخرى.

ثم خرج بضعة دقائق ، حينها قلت في قرارة نفسي : كون لديها أخاً شاباً سافر منذ وقت قصير ؛ من المؤكد أنه راقب كل تحركاتها عندما كان جانبها ، ولأنَّ وضعهم المادي متوسط ، حتماً أنها لم تفكر بشيء سوى العمل لمساعدة أخيها بتحسين معيشتهم ، وعندما دخل والدها قلت له :

-إنَّ وضعي المادي ممتاز جداً ، وبعد ما يقارب السنة من محاولات أمي أن تخطب لي ، لم أرتح لفتاة سوى ابنتك وأريدها أن تصبح زوجتي بعد شهر من الخطوبة ، لأني لا أحب الخطوبة الطويلة ، وشرطي الوحيد هو أن تترك العمل كوني لن أحرمها من شيء حتى الذهب، وختمتُ كلامي مازحاً :

-وبالنسبة لأخيها فعند عودته سأقيم حفل زفاف آخر لأجله .

حينها ضحك والدها وقال :

-إذاً على بركة الله ، بعد أن نأخذ موافقتها، وبعد أن تسأل على سمعتنا ، ونسأل أيضاً عنك سنتفق على ترتيبات الخطوبة والزواج.

عدت إلى المنزل وأنا أدعو الله أن توافق على شرطي وتكون من نصيبي.

تمت الخطوبة والرضا يغمر كياني ، وزرتها ثلاث مرات كي أعرف ما تحب وتكره من الرجل ، لأتجنَّب ما يزعجها مستقبلاً ، ولأني رأيتُ خجلها بالحديث معي على الرغم من أنّ والدها خرج بضعة مرات ، شعرتُ بسعادة لا مثيل لها ، كونها لم تستطع أن تُديم النظر بوجهي سوى ثواني؛ واستمرَّت سعادتي بها إلى أن مضَت بضعة أشهر بعد الزواج….

…..يتبع

قصة مريض بالشَّك الجزء الثالث

مضت بضعة أشهر أهديتُها بها قطعة ذهب كل أسبوعين كي أستطيع الاستحواذ على عقلها إلى جانب قلبها كوني لم أكُف يوماً عن قول كلمات الغزل لها ،ولم أكتفي بالذهب كهدايا بل أهديتها تارةً ملابساً باهظة الثمن ، وتارة الشوكولا والورود ، وكانت بكل مرة تبتسم وهي تقول لي:

-لا داعي لكل ذلك ، تكفيني معاملتك الحسنة معي .

وبرغم ذلك لم أرغب بالتوقف عن إهدائها خشية أن يكون في نفسها شيئاً تخجل أنه تطلبه كوننا لا نزال في أول زواجنا ، إلى أن قلتُ في قرارة نفسي:

-ما الذي جعلها توافق على ترك العمل والزواج مع أنها رفضت قبلي رجالاً كُثُر ؟! أيعقل أنها كانت على علاقة برجل تخلّى عنها ولكي تجاكره أو تنسى حبها له ، قبلت الزواج بي !، أيعقل أنَّ أخيها قد غفل عن مراقبتها ؟ .

مَضت بضعة أيام لم أستطع النوم بها بشكل جيد ، واعتصر الندم قلبي كيف أني قبلت بكلام أمي عندما قالت لي بعد حفل الخطوبة :

-يا بني ، يجب أن تشتري منزلاً مستقلاً لكَ ولزوجتك ، فمستقبلاً سيرزقكما الله أولاداً ، وتشعر زوجتك برغبة في أن يكون لها منزلاً خاصاً بها ولأن ذلك من حقها ؛ ستفتعل المشاكل معي لأطلب منك أن تشتري منزلاً لكما وتدعانني بمفردي ، بعد أن أكون قد خسرت المودة بيني وبينها ، وبعد أن اعتدت عليكما وعلى أولادكما ، حينها سأشعر بالألم عندما تفارقونني ، وتجنباً لكل تلك المشاكل ، اشتري منزلاً من الآن.

حينها أيقنت أني اقترفت أكبر خطأ في حياتي ، فلو كانت أمي تحيا معنا كنت سأشعر حينها بالاطمئنان ، كونها ستراقب تصرفات زوجتي التي بدورها لن تفكر أن تُخطِئ عندما ترى أمي معها صباحاً ومساء.

فلم أستطع تمالك نفسي وسألتها لماذا قبلت الزواج بي فأجابت:

-عندما قلتَ لأبي أنك لا تريد أن تعمل زوجتك وأنك لن تحرمها من شيء حتى الذهب ، أيقنتُ حينها أنك رجل بكل معنى الكلمة ، فكل من تقدموا لي لم يعارضوا استمراري في العمل وهذا ما أزعجني ، فقد كنت أقول في قرارة نفسي ، لو تهمه راحتي لطلب مني التوقف عن العمل كوني سأعمل داخل المنزل وخارجه .

لكني لم أُصَدِّق كلامها وبتُّ أشكُّ بحركاتها ونظراتها ، وبعد عودتي من العمل كنتُ أسألها ما الذي فعلته طوال غيابي ، لعلي أجد منها ردَّاً أو نبرة صوت ونظرة تثبت صحة كلامي ، وعندما لم أستطع التوصل لشيء ، قررتُ أن أفتعل المشاكل معها لبضعة أشهر لعلي أُظْهِرُ جانبها الحقيقي وبلحظة غضب تقول لي بأنها ندمت على الزواج مني وترجو لو تزوَّجَت حبيبها ، لكنها كانت في كل مرة تجعل نفسها المذنبة وتعتذر إلي ، مما جعل شكوكي تصبح يقيناً ، بأنها ربما تقابل أحداً يُنسيها مشاكلها معي ويُصبّرها كي لا أُطَلّقها وتعودَ إلى أهلها فيحرمونها من الخروج من المنزل كونها أصبحت مطلقة، وبذلك لا تستطيع اللقاء به .

فأصبحتُ أفتحُ هاتفها خلسة وبشكل يومي لأرى المكالمات والرسائل ، فلا أجد سوى أسامي أهلها وقريباتها ، وبرغم ذلك لم أكن أشعر بالاطمئنان فما الذي يجعلني أضمن بأن الأسامي المكتوبة هي صحيحة وليست لرجال ؟

لم أجد حلاً سوى الاستئذان من عملي، أحياناً ساعة بمنتصف اليوم ، وأحياناً أعود قبل موعدي المحدد بساعة أو أكثر، لأرى خيانتها بأُمّ عيني ، ولأنها بكل مرة كانت ترتبك وأحياناً تخاف لدرجة أن يكسو وجهها الصُفرة ، ازدادَ إصراري بكشفها فأمضيت أياماً أفكر بخطة تجعلني أكشفها بسهولة إلى أن وجدت تلك الخطة التي أنهت زواجنا .

….يتبع

قصة مريض بالشَّك الجزء الأخير

كانت خطتي بأني قلتُ لها :

أنا مضطر للسفر لأسبوعين ، لحضور اجتماع مهم لأجل شركتنا وأمامكِ خياران إما أن تذهبي للمبيت عند أمي ، أو أن تأتي أمي لتمضي اليوم معكِ ، وتترككِ عند الساعة العاشرة مساءاً كونها لا تحب المبيت إلا بمنزلها ، فقبلت أن تأتي أمي لتمضي اليوم معها ، مما جعل شكي يصبح يقيناً بأنها ستقابل أحداً بعد أن تعود أمي لمنزلها .

مضت بضعة أيام تمركزتُ فيها بالمقهى المقابل لمنزلي ، وأنا أتتبّع كل رجل يدخل بعد الساعة العاشرة ، لأعرف مقصده لأي بيت ، إلى أن دخل في الساعة الحادية عشرة ليلاً، رجلاً طويل القامة عريض المنكبين لم أستطع رؤية وجهه وما إن طرق الباب حتى فتحت له زوجتي وعانقته بحرارة ثم قفزت ضاحكة وهي تقول :

-حبيبي لقد اشتقت لك.

حينها شُلَّت أقدامي عن الحركة، فجَثَوت على ركبتيَّ وأنا أنظر إلى الباب وأتخيل ما الذي يجري بين زوجتي وعشيقها ، وبعدَ بضعة دقائق قلت في قرارة نفسي:

-إن داهمت المنزل وأخرجته ثم اتصلت بعائلتها فلن يصدقوني ، من الأفضل أن اتصل بوالديها ووالديَّ وأطلب منهم إحضار أي أحد من أقربائنا كي يكونوا شهوداً على خيانتها ، ومن الأفضل أن أطلب منهم القدوم بحجة أنَّ حرامي قد داهم المنزل وهي بمفردها والآن تحتاج مساندة نفسية منهم ، فأخشى إن أخبرت والديها أنَّ ابنتهما مع عشيقها أن يتصلا بها ويقوما بتنبيهها .

ثم تركت المفتاح معكوساً في فتحة الباب بعد أن أقفلته بحذر ، لضمان إن تأخروا وجاء موعد ذهاب عشيقها ، فبذلك لن يستطيع الخروج .

وبعد مضي ساعة ، أتى والداها ووالداي وأعمامها وخالها وخالي ، وما إن وصلوا حتى رأوني بانتظارهم فقلت لهم والدموع تغمر عيناي:

-زوجتي المثقفة الجامعية ، تخونني في عقر داري مع عشيقها ، هذا خطأي لأني لم أتزوج أُميَّة.

ثم فتحت الباب ودخلوا جميعهم خلفي وجفونهم كادت أن تتمزق من هول الصدمة ، ثم صرخت بأعلى صوتي:

-تعالي أيتها الخائنة الجامعية، قليلة التربية، عديمة الأخلاق.

فهرولت نحوي وبدون أن تنطق بكلمة ، اتّسعت حدقتا عينيها من الدهشة وهي تقول :

-من المؤكد أن هذا مقلب صح ؟

-مقلب يا عديمة الأخلاق ، أين الرجل الذي دخل إلى المنزل منذ ساعة وعشر دقائق.

فخرج من غرفة النوم يرتدي بيجامتي ، فإذا بصفعةٍ أتتني على وجهي من والدها ثم قال:

-هذا أخوها أيها المختل العقلي ، ألم أخبرك أنه سيأتي بعد سنة إلى المدينة ، ولأنَّ أخته قد شرحت له عنوان منزلها بالتفصيل قرر مفاجأتها والمبيت عندها كونه على علم أنك مسافر.

فأقبل أخوها نحوي بخطوات هادئة:

-كم أشفق عليك أيها المريض النفسي ، وأرجو أن تكون صفعة أبي قد أعادتك لرشدك.

فقالت لي زوجتي والدموع تنهمر من عينيها :

-مع أنَّ بك كل الصفات الحسنة من حب وحنان وكرم ، لكن صفة الشك تمحي كل محاسنك ، ولأجل ذلك لن أستطيع أن أكمل حياتي معك ،ويجب أن لا تنسى أنّك لو تزوجت أمية وحبستها بقفص ،لكنها إن كانت بلا أخلاق وأرادت خيانتك ستخونك بأفكارها ، وإن تزوجت جامعية تعمل ليلاً ونهاراً ، لكنها تحترم نفسها وتصون سمعتها فلن يجرؤ أحد على الاقتراب منها ،لأنَّ الخيانة لا تتمثل بكون المرأة أُمية أو متعلمة بل تتمثل بأنها ذات أخلاق حسنة أم عديمة الأخلاق

.

جلستُ على الأرض كالأبكم أنظر لها كيف تضع ملابسها في الحقائب ووالدايَ يحاولان تهدئتها لكنها كان مصممة على الرحيل مع أهلها وبعد أن انتهت من وضع كل أغراضها، قالت لي :

-أرسل ورقة طلاقي لمنزل أهلي ، ثم اذهب إلى طبيب نفسي.

ولهذا جئتُ إليكَ في اليوم التالي ، فأنا أريد أن أتعالج كي أُريها أني نفذّتُ كلامها وأرجوها أنْ تعودَ إليَّ ، لأني أحبها ولا أودُّ خسارتها.

انتهت

.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button