قصة جميلةقصة مؤثرا جدا

قصة وريقة الحناء عاش في قديم الزمان رجل مع ابنته اسمها وريقة الحناء التي ماتت أمها فتزوج بعدها

عاش في قديم الزمان رجل مع ابنته اسمها وريقة الحناء التي ماتت أمها فتزوج بعدها امرأة مات زوجها بعد أن رزقت منه فتاة أسمها كرام كانت وريقة الحناء فتاة رشيقة القوام جميلة الوجه كريمة النفس هادئة الطبع فيما كانت كرام فتاة قصيرة القامة دميمة الوجه شرهة النفس خشنة الطبع .

وكان الأب ينظر إلى الفتاتين نظرة متساوية يقسم بينهما حنانه الأبوي كما لو كانتا ابنتيه فلا يفضل واحدة منهن على الأخرى ويعمل على تقسيم الأعمال المنزلية بينهن بالتساوي

ففي اليوم الذي كانت تتولى فيه وريقة الحناء مهمة رعي الأغنام تتولى كرام مهام أعمال المنزل من طبخ وكنس وغسل ملابس ليتبادلا الأدوار في اليوم التالي حيث تقوم كرام برعي الأغنام وتحل وريقة الحناء مكانها في تولي مهام الأعمال المنزلية وهكذا

إلا أن أم كرام التي كانت تأكلها الغيرة من جمال وريقة الحناء وحسن أخلاقها وطباعها دأبت على إرهاقها بالعمل لتخفف بذلك عن كرام ابنتها التي كانت تفضلها على وريقة الحناء في المعاملة اعتادت كلا من وريقة الحناء وكرام على أخذ طعام جالإفطار معهن عند خروجهن في الصباح الباكر إلى مناطق رعي الأغنام حيث تقطن في ذلك المكان امرأة عجوز وحيده في كوخها الذي لا يزوره أحد.

وكانت وريقة الحناء كلما شاهدت تلك العجوز قابعة تحت ظل الشجرة القريبة من كوخها تلقي عليها التحية وتتقدم نحوها وهي تفتح رباط فوطتها الذي تضع فطورها بداخلة ثم تقتطع جزء منه وتقدمه للعجوز وهي تقول لها أطعمي من فطوري هذا يا جـده .

فتتناوله العجوز وهي تدعو لها قائلة :زادك الله فوق عقلك عقل

وكانت العجوز كلما أزداد الحك في رأسها الأشيب تنادي وريقة الحناء القابعة بالقرب منها وتقول لها القمل أكل رأسي ساعديني على التخلص منها .

فترد عليها وريقة الحناء بأدب: انتظريني ريثما أسوق الأغنام إلى المكان الخصيب وسأعود بعدها للتفتيش عن القمل في رأسك .

فتقول لها العجـوز مطمئنة :لا تتعبي نفسك يا بنيتي أجلسي وقولي أرعى وقرب وسترتعي الأغنام لوحدها وبعد أن تشبع ستجدينها بالقرب منك دون أن تكلفي نفسك عناء البحث عنها.

فتقول وريقة الحناء ذلك ثم تجلس بجانب العجوز التي تطاطئ لها رأسها ،وتبدأ بتقليب شعرها الأشيب بأصابعها وتبحث عن القمل وكانت كلما عثرت على قملة التقطتها بطرف أصابعها وهي تنظر إليها قائلة :هذه مثل قملة أمي .

فتسمع ذلك منها العجوز وتدعوا لها قائلة :زادك الله فوق عقلك عقل .

هذه القملة بحجم قملة أمي .

وترد عليها العجـوز :زادك الله فوق عقلك عقل وهكذا تستمر وريقة الحناء بالتفتيش عن القمل كلما طلب منها العجوز القيام بذلك إلى أن يحين موعد العودة فتقبل نحوها الأغنام لوحدها وقد امتلأت كروشها ولم تعد تقوى على السير إلا بصعوبة .

أما كرام فقد اعتادت على تجنب الجلوس في المكان الذي تقبع عنده العجوز التي ما أن تراها تبدأ بتناول فطورها فتناديها قائلة: إني جائعة وا كرام أعطيني من فطورك .

فتسمعها كرام وترد عليها محتجة وهي تصرخ بوجهها :

كم هو فطوري وكم سأعطيك منه يا الله وهو يكفيني أم أنك تريدين أن أموت نفسي جوعاً من أجلك .

وكانت العجوز تسمع منها ذلك فتدعوا عليها قائلة :زادك الله فوق جنانك جنان .

وكانت عندما يأكل القمل رأسها تطلب من كرام مساعدتها في تخليصها منها كما تفعل معها وريقة الحناء وتقول لهـا:

القمل أكل رأس يا كرام ساعديني في البحث عنها

فترد عليا كرام بنبرة متعالية : إنني جئت هنا لأرعى الأغنام لا لكي أفتش عن القمل الذي يأكل رأسك .

إلا أن العجوز التي لم تقوى على تحمل الحك الذي ينهش رأسها تستمر في إلحاحها ورجائها فتوافق كرام على مضض على تخليص العجوز من قمل رأسها

وقبل ان تهم بالقيام بذلك كانت تطلب منها العجوز عدم الاكتراث بأمر الأغنام وتقول لها لا تخافي على أغنامك قولي لها جـوع وبـاعد وسوقيها نحو المرعى .

فتقول كرام ذلك وتجلس إلى جانب العجوز التي تطاطئ لها رأسها وتبدأ بالتفتيش عن القمل بين شعرها الأشيب وكانت كلما عثرت على قملة أمسكت بها بطرق أصابعها وصاحت :

الله ما أكبرها إنها بحجم الثعبـان

الله ما أكبرها إنها بحجم الحيـه

الله ما أبشعها أنها تشبه العقرب

والعجوز تسمعها فترد عليها قائلة : زادك الله فوق جنانك جنان

وتستمر كرام بالبحث عن القمل المنتشر برأس العجوز مكرهة كلما ألحت عليها العجوز القيام بذلك إلى أن يحين موعد الرجوع إلى البيت فتبتعد الأغنام عن مكانها المألوف وتقضي هي الساعات الطويلة في البحث عنها من مكان لآخر لتجدها خاوية البطون وتنصرف عائدة بها إلى المنزل .

وفي إحدى الأيام وبينما كانت وريقة الحناء تتأهب للعودة إلى المنزل مع أغنامها. نادت عليها العجوز وأخذت تخاطبها وهي تشير لها بإصبعها إلى مكان يقع خلف التل قائلة:

أذهبي يا بنيتي إلى ذلك المكان وستجدين هناك ثلاثة برك مملوءة بالماء ستغمز لك الأولى طالبة منك بأن تغتسلي بها فلا تطاوعيها وستجدين البركة الثانية ماءها راكداً وهي لا تشير لك بالاغتسال بها فاغتسلي بها .

قصة وريقة الحناء الجزء الثاني

…… توجهت وريقة الحناء إلى المكان الذي أشارت إليه العجوز وتجنبت الاغتسال في البركة الأولى التي أخذت تغمز لها وقفزت بملابسها إلى البركة الثانية التي وجدتها راكدة واغتسلت بمائها

وعندما خرجت منها وجدت نفسها مغطـاة بالذهـب والجواهر المتدلية على كل قطعة من جسمها ولم تعد تقوى على السير إلا بصعوبة لثقل الحمل الملتصق على ملابسها فآخذت تواصل سيرها نحو البيت والأغنام تسير أمامها ببطء حتى اقتربت من البيت فاخذ تنادي على أباها بصوت مرتفع :

ـ يا أباه .. يا أباه

اطل الأب من الشباك لسماعه مناداتها وتبعته زوجته وأخذ يسألها عن سبب مناداتها له .

فأجابته قائلة :لا قني بالجمل والجمال والمشتري والحمال

لم يتبين الأب طلبها لضعف سمعه فألتفت إلى زوجته يستفسرها عن طلبها

فردت عليه : تقول لك لا قني بالمقص والشريم والمودمه والصميل .

إلا أن الرجل عاود الإصغاء إلى نداء ابنته مرة أخرى فوجدها تقول له :لا قني بالجمل والجمال والمشتري والحمال

ورأى ما تحمل أبنته من كنوز معلقة على ثيابها فترك زوجته وذهب من فوره للبحث عن من سيشتري ومن سيحمل ما تحمله وريقة الحناء من ثروة والسرور يغمره وهو يرى الأغنام ممتلئة البطـون .

وفي اليوم التالي وبينما كانت كرام تتأهب للعودة إلى المنزل طلبت منها العجوز أن تذهب إلى حيث موقع البرك الثلاثة قائلة لها وهي تشير بإصبعها إلى المكان الذي تقع عنده الأكمة :

أذهبي إلى خلف تلك الأكمة وستجدين ثلاث برك ماء الأولى منها سوف تشير لك بأن تغتسلي فيها فاقفزي من فورك إلى وسطها واغتسلي بمائها.

توجهت كرام إلى حيث أشارت لها العجوز وقفزت بملابسها إلى وسط البركة الأولى فور رؤية إشارتها .

وعندما خرجت منها وجدت نفسها مثقلة بالعقارب والحيات والأفاعي التي تطوي جسمها ولم تقوى على التخلص منها .

فأخذت تجرجر خطاها نحو البيت والخوف يملأ نفسها فيما الأغنام كانت تسير أمامها خاوية البطون وعندما اقتربت من أمام المنزل أخذت تنادي زوج أمها قائلة

واعماه .. واعماه

أطل الرجل وزوجته من الشباك مستفسرين عن سر مناداتها له فسمعها تقول له:لا قني بالمقص والشريم والمودمه والصميل .

وعندما لم يتبين له صوتها بوضوح سأل زوجته عن طلبها فردت عليه قائلة :

تقول لك كرام لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال

إلا أن الرجل عاود الإصغاء إلى نداء كرام مرة أخرى فتيقن من قولها له ( لا قني بالمقص والشريم .. والمودمه والصميل )

فأسرع من فوره لتناول المقص والشريم والمودمه والصميل الذي أخذ يجز بها الأفاعي والحيات ويضربها بالصميل لقتلها وتخليص كرام من خناقها . ليقف بعدها مشدوهاً وهو يرى الأغنام جائعة وقد التصقت بطونها بظهورها من شدة الجوع . فيحار من ذلك الأمر الذي لم يجد له تفسيراً.

ذات يوم حدث عرس كبير دعي لحضوره جميع أهالي القرية بمن فيهم إبن السلطان فأخذت الغيرة تملأ نفس أم كرام من حضور وريقة الحناء ذلك العرس فيطغي جمالها على جمال ابنتها كرام وتلفت انتباه إبن السلطان الذي ما من شك بأنه سيأسر بجمالها . ويقع في غرامها من أول نظرة .

خاصة وقد أشيع عن رغبته في الزواج وسوف يسعى جاهداً من أجل الزواج بها ولكي تضمن عدم حدوث ذلك فقد قررت منع وريقة الحناء من حضور ذلك العرس و عمدت إلى حيلة تحول دون إمكانية حضورها ذلك العرس

فقامت بخلط أصناف متنوعة من حبوب الذرة والبر والشعير والعدس ببعضها داخل قدر كبير ثم وضعتها أمام وريقة الحناء وهي تقول لهـا :

أريد منك أن تقومي بتنقية هذه الأصناف من الحبوب وأخرجي كل صنف لوحده ثم قومي بطحن كل صنف على حدى وبعدها احتفظي بطحين كل صنف في وعاء خاص .

وبعد ان تفرغي من ذلك قومي بكنس البيت من أعلاها إلى أسفلها لم تعترض وريقة الحناء على القيام بذلك إلا أنها كانت ترجو تأجيل الأمر إلى ما بعد حضورها حفل العرس .

فأخذت تتوسل لخالتها وتترجاها قائلة :

الله يسترك يا خاله دعيني آتى معكن حفل العرس وبعدها سأعمل كل ما تريدين .

آلا آن خالتها التي كانت تتعمد إعاقتها من حضور ذلك العرس نهرتها قائلة:لديك أعمال كثيرة يا إبنتي فإذا فرغت منها إلحقينا فعاودت وريقة الحناء توسلاتها ورجائها بأن تؤجل القيام بذلك إلى ما بعد العرس .

إلا أن خالتها التي لم يلين قلبها لتوسلاتها صاحت بوجهها وزجرتها بلهجة حادة منهية الحديث بينهما قلت لك قومي بعملك أولا

ثم أولت لها ظهرها وانصرفت خارجه من البيت وأبنتها كرام تسير خلفها وقد ارتدت أجمل ملابسها وتزينت بأجمل حليها ويحذوها الامل بلفت نظر إبن السلطان إليها

تسمرت وريقة الحناء في مكانها وأخذت تذرف دموعها وهي تراهن ينصرفن إلى العرس بدونها وبينما هي كذلك ظهرت لها فجأة تلك العجوز التي تقيم في المرعى الذي سوف تساعدها

قصة وريقة الحناء الجزء الثالث

….. تسمرت وريقة الحناء في مكانها وأخذت تذرف دموعها وهي تراهن ينصرفن إلى العرس بدونها وبينما هي كذلك ظهرت لها فجأة تلك العجوز التي تقيم في المرعى

وسألتها قائلة:لماذا لم تذهبي يا أبنتي إلى حفل العرس وكل صبايا ونساء القرية سيحضرنه

رفعت وريقة الحناء رأسها نحو العجوز وقالت بحسرة وهي تشير بإصبعها إلى الوعاء الذي خلطت خالتها أصناف الحبوب بداخلة :كيف لي ذلك يا جده وقد كلفتني خالتي بتنقية أصناف الحبوب المتعددة التي عمدت إلى خلطها ببعضها

وأمرتني بطحن كل صنف على حدى والاحتفاظ به بوعاء خاص وزيادة على ذلك فقد طلبت مني القيام بكنس البيت من الرأس إلى الساس

تبسمت العجوز لكلام وريقة الحناء وقالت تطمئنها وهي تربت على ظهرها: لا عليك يا بنيتي لا تنزعجي من شيء قومي فورا و اغتسلي وتزيني وأذهبي إلى العرس مثل سائر الفتيات

وأنا سأتكفل بعمل كل ما طلبته منك خالتك في لحظات

قالت العجوز ذلك ثم مدت يدها إلى صندوق بجانبها وأخرجت من داخله ملابس من الحرير الفاخر وعقودا من الذهب والماس

وقدمت لها حذاء أبيض ليس له شبيه ثم راحت تساعدها على ارتداء ملابسها والتزين بالحلي وتمشط لها شعرها وعندما انتهت من ذلك قالت تنصحها :

أذهبي رأسا إلى بيت العرس وابدئي بالرقص فور وصولك ولا تلتفتي لأحد أثناء رقصك وعندما تقنع نفسك عودي سريعا إلى البيت مفهـوم؟

فردت عليها وريقة ألحنا وهي تكاد تطير من الفـرح مفهـوم يا جـده ثم طبعت قبلة على جبين العجوز وانصرفت مسرعة إلى حيث يقام العرس وراحت تجري وهي ممسكة بيديها أطراف ثوبها لئلا يتسخ من التراب .

وعندما وصلت إلى مكان الحفل اتجهت مباشرة إلى حلبة الرقص وأخذت تزيح الواقفين في طريقها بيديها حتى وصلت إلى وسط المرقص فراحت ترقص وترقص والجميع

يشاهدونها ويتعجبون من جمالها .

ومن الملابس والحلي التي تكسوها ويتساءلون فيما بينهم حول بنت من عساها تكون وهل هي إحدى الأميرات أم أنها من عامة الشعب ؟

همست كرام في أذن أمها قائلة : إنها تشبه وريقة الحناء ولو كنت غير متأكدة من وجودها في البيت لقلت أنها هي دون شك.

فزجرتها أمها قائلة : ما الذي سيأتي بوريقة الحناء إلى هنا وقد تركناها ولديها عمل لن تخلص منه قبل أسبوع

ثم أردفت متسائلة : ثم من أين لوريقة الحناء إن صح ظنك بهذه الملابس والمجوهرات التي لا يقدر على شرائها آلا بنات الأكابر ثم تنهدت بحرقة وقالت متحسرة :إيه يعلم الله أبنه أي سلطان هي

أثناء ذلك كان إبن السلطان يتابع رقص وريقة الحناء باهتمام شديد ولم يغب نظره عنها للحظة حيث كان قد فتنه جمالها . واُعجب بحسن هندامها وطيلة الوقت لم يكن مشغولاً بغيرها.

وعندما شعرت وريقة الحناء بالتعب من شدة الرقص عملت بنصيحة المرأة العجوز فتركت الحلبة مسرعة وآخذت تجري نحو باب الخروج حيث كانت تقف خالتها مع ابنتها كرام بين حشود الحاضرين .

وهناك وقعت عينيها بعيني خالتها التي أخذت تدقق النظر بوجهها فأنتابها عندها الخوف من التعرف عليها وأسرعت في مشيها وهي تتحاشى النظر بوجه خالتها فوقع منها أثناء ذلك حذائها عند مدخل الباب فتركته ورجعت إلى البيت مسرعة

لتصله قبل أن تصله خالتها وابنتها كرام ثم قامت بخلع ملابسها الجديدة وارتدت أسمالها البالية ونكشت شعرها ثم اتجهت نحو المطبخ لتتفقد ما تكفلت المرأة العجوز القيام به .

فوجدت كل صنف من الحبوب قد طحن ووضع في إناء منفرد كما طلبت منها خالتها تماما ووجدت السلالم قد كنست ايضا فأمسكت بقبضتها بعضاً من الطحين وذرته على وجهها وساعديها وملابسها ،

ثم دخلت مسرعة إلى غرفتها وقعدت تنتظر عودة خالتها وابنتها كرام لتقوم بسؤالهن عن أحوال العرس وما حوله من مباهج وعمن حضرنه من الصديقات والمعا ريف وعمن تغيب عنه مثلها وعن غيرها من الأمور التي ستتظاهر بعدم إطلاعها عليـها.

أقبلت كرام وأمها وهن شاردات الذهن من جمال تلك الفاتنة التي سلبت العقول فاستقبلتهما وريقة الحناء والمكنسة بيدها كما لو أنها لم تغادر البيت ولم تكمل عملها بعد….

يتبع …

قصة وريقة الحناء الجزء الرابع

… أقبلت كرام وأمها وهن شاردات الذهن من جمال تلك الفاتنة التي سلبت العقول فاستقبلتهما وريقة الحناء والمكنسة بيدها كما لو أنها لم تغادر البيت ولم تكمل عملها بعد

وأخذت تسألهن بلهفة عن العرس ومباهجه التي لم تتمكن من رؤيتها وعمن حضرنه من الصديقات والمعاريف

فقالت خالتها تجيبها :لو كنت جئت وشاهدتي الذي شاهدناه كنت ما بتصدقي عيونك.

فسألتها وريقة الحناء بلهفة : ماذا حدث ماذا حدث أرجوكن أخبراني ماذا حدث ؟

همت كرام بالكلام فقاطعتها أمها قائلة :واحدة بنت ما مثل جمالها بنت كأنها نزلت من السماء دخلت فجأة إلى حلبة الرقص وأخذت ترقص وترقص وقد أفسح لها الجميع المكان

بعد أن توقفوا عن الرقص وأخذوا يتابعون رقصها الذي شد أنظارهم وسلبت بجمالها قلوبهم حتى أن إبن السلطان لم يغفل عن متابعتها والتحديق بوجهها لحظة واحدة ،

ثم صمتت قليلاً وكأنها تستعيد شريط الأحداث وواصلت حديثها قائلة :

ومثلما دخلت إلى المكان فجأة فقد خرجت منه كذلك فجأة حتى أنها أثناء خروجها داست على قدمي بحذائها الذي وقع منها وأسرعت منصرفة دون أن تلتقطه. فتناوله إبن السلطان الذي حاول اللحاق بها

وقد سمعته يقول وهو يتفحص الحذاء ويقلبه بين يديه سأبحث عن صاحبة هذا الحذاء وسأتزوج بها يالها من فتاة محظوظة سيتزوج بها إبن السلطان

تظاهرت وريقة الحناء بالحزن على ما فاتها من مباهج الاحتفال فيما هي تكاد ان تطير من الفرح وهي تسمع عن إعجاب إبن السلطان بها ورغبته بالزواج منها وتنهدت بحسرة قائلة

ليتني جئت معكن لأتفرج على تلك الفاتنة واستمتع برقصها ثم أردفت مازحة أو ليتي كنت هي تلك الفاتنة .

ضحكت خالتها من أمنيتها وأجابتها ساخرة:ما الذي سيوصلك أنت أبنة الرعوي إلى مستواها

إذا كنا نحن ومن يكبرنا شأنا لم نتمكن من مشاهدتها إلا من أحد الأركان البعيدة حيث كنا نتلقى الدفع والركل بالأيدي والأرجل من كل داخل وخارج للقاعة .

ثم أمسكت أصابع قدمها وأخذت تضغط عليها بيدها وتنهدت قائلة: أه يا قدمي كادت الفتاة أن تهشم أصابع قدمي بحذائها الذي داستني به .

في اليوم التالي خرج إبن السلطان يرافقة عدد من الحراس لتفتيش بيوت القرية بيتاً بيتا يبحث عن الفتاة صاحبة الحذاء الأبيض ويقيس الحذاء على كل فتاة يتم عرضها علية

وكان كلما قام بقياسه على فتاه يجده أما أكبر أو أصغر من مقاسها وكان قد طاف بجميع منازل القرية ولم يتمكن من العثور على صاحبة الحذاء ،

وبداء اليأس يتسرب إلى نفسه وقبل أن يهم بالعودة ،

ظهرت له المرأة العجوز فجأة وأخبرته بوجود منزل يقع في أطراف القرية لم يقم بزيارته وكان هذا البيت هو بيت والد وريقه الحناء .

فتوجه إبن السلطان ومن معه اليه وعندما وصل خبر قدوم السلطان إلى منزل وريقة الحناء خافت خالتها بأن يتصادف مقاس هذا الحذاء مع مقاس قدم وريقة الحناء .

فأمرتها بأن تختفي بداخل التنور الذي يقع بغرفة سطح المنزل وابرزت ابنتها كرام لإبن السلطان لكي يقيس الحذاء على قدمها فلما قاسه وجده صغيراً.

فسـأل أمها قائـلاً:هل لديها أخت أخـرى ؟

فأنكرت أم كرام ذلك قائلة : لا ليس لها أخت إنها ابنتي الوحيدة .

لم يقتنع إبن السلطان بكلامها وساوره الشك بعدم قولها الحقيقة فطلب منها السماح له بتفتيش غرف البيت وعندما لم يجد بها شيء ، أومت له العجوز بالصعود إلى السطح ،

وتفتيش غرفة المطبخ التي تقع هناك

فصعد ومن معه آلي السطح وعندما شعرت وريقة الحناء باقترابه منها أخرجت له قدمها من عين الموفى

فشاهده إبن السلطان وجلس يقيس الحذاء على قدمها والعجوز وخالتها ترقبانه من بعيد فكان ان وجد الحذاء مطابقاً لمقاسها ففرح بذلك إبن السلطان وقام بإخراج وريقة الحناء من الموفى وأخذها إلى أبيها يطلب الزواج منها

فوافق الأب على تزويجه بابنته وتم تحديد يوم الزفاف

اغتاظت أم كرام من اختيار إبن السلطان وريقة الحناء زوجة له فقررت أن تزف له ابنتها كرام بدلا من وريقة الحناء

فاستعدت بخطة شريرة اكي تقوم بذالك ذون انتباه احد….

يتبع …

وريقة الحناء الجزء الخامس

….. تهيأ إبن السلطان ليوم العرس وقام بتزيين قصره لاستقبال العروس فيما تهيأت أم كرام لزفاف ابنتها عوض وريقة الحناء على إبن السلطان فألبستها أجمل الملابس وزينتها بأجمل الحلي والمجوهرات .

وكلفت وريقة الحناء القيام بإعداد الطعام واللحوم للضيوف الذين سيأتون للتهنئة فلم تعصي وريقة الحناء أمر خالتها وقامت بعمل ذلك مكرهة ..

ولما حان أوان زفة كرام إلى بيت إبن السلطان ظهرت العجوز لوريقة الحناء التي كانت مشغولة بإعداد الطعام وهمست بأذنها قائلة :أذهبي إلى كرام وأوصفي لها أنواع وأصناف المأكولات التي أعدديتيها

و اطلبي منها بأن تصعد إلى المطبخ لتأكل منه حاجتها قبل زفافها وإذا تذرعت بجلوسها انتظارا للزفة قولي لها بأنك ستجلسين مكانها إلى حين عودتها .

ذهبت وريقة الحناء إلى كرام كما طلبت منها العجوز وقالت لها متحسرة أه يا أختي لو رأيت ما لدينا من طبيخ وعلى لحم وسط القصاوص والبرم ( القدور والأواني ) ستأكلي أصابعك من لذتها وكم سأبقى حزينة عليك إن أنتِ ذهبتي دون أن تتذوقي منها .

هفت نفس كرام وسال لعابها لأصناف الطعام التي أخذت تعددها لها وريقة الحناء ولكن خوفها على ثوب الزفاف وغطاء رأسها وجلوسها على أهبة الاستعداد لزفافها إلى بيت السلطان من قبل المراوحه الذين قد يصلون في أي لحظة جعلها مترددة من الاقدام على فعل ذلك.

فقالت لها وريقة الحناء محاولة تبديد المخاوف من نفسها لا تقلقي بشأن ثوب الزفة أذهبي أنت إلى المطبخ وتناولي ما تشتهي نفسك من طعام وأنا سأجلس هنا بدلا عنك تحت غطاء الوجه الذي ترتدينه ريثما تعودين.

خلعت كرام غطاء وجهها وألقته جانباً وتوجهت مسرعة نحو المطبخ تبحث عن أواني اللحم وتمد يدها لتفتش ما بداخلها. تخرج أجزاء مما يحتويه كل إناء فتتذوقه بشراهة

أما وريقة الحناء فقط ظهرت لها العجوز وقامت بمساعدتها على ارتداء أفخر الملابس والتزين بأجمل الحُـلي التي أحضرتها معها وجلست تنتظر موعد الزفاف بدلاً من كرام.

واقبل المراوحة من قبل السلطان لاخذ العروس آلي منزلها الجديد واقترب موعد الزفاف وحانت لحظات خروج العروس من بيتها فاتجهت أم كرام لتزيح الغطاء الذي يغطي وجه العروس وتودع ابنتها فذعرت عندما طالعها وجه وريقة الحناء بدلاً من وجه ابنتها كرام .

فأخذت تسألها بحنق : أين كرام ولماذا أنت تجلسين مكانها ؟

ردت عليها وريقة الحناء وهي كآسفة الوجه لقد شعرت بالجوع فذهبت إلى المطبخ للأكل وطلبت مني أن أجلس مكانها ريثما تعود.

راحت الأم تنادي أبنتها والحنق يملأ نفسها وا كرام .. وا كرام .. أين انت … وا كرام.

أسرعت نحو المطبخ لتعود بكرام إلى مكانها ودخلت عليها المطبخ لتجد أبنتها وقد حشرت رأسها في قدر كبير مليء باللحم ولم تستطيع الخلاص منه وكانت كلما رفعت القدر بيديها لتخرج رأسها منه أنكب المرق على ملابسها ،

فعمدت أمها إلى كسر القدر حتى برز رأس كرام من الأجزاء الباقية حول عنقها وراحت تتطلع إلى ملابس أبنتها وزينتها فوجدتها قد اتسخت وتشوه زينة وجهها وتسريحة شعرها

ولا يوجد لديها متسع من الوقت لكي تعيد إصلاح ذلك . خاصة وقد دقت الطبول منذرة بخروج العروس وزفتها إلى بيت إبن السلطان فسكتت على مضض وأخذت تبكي وهي تندب حظها وحظ أبنتها وتشاهد وريقة الحناء تزف بدلاً من ابنتها كرام إلى بيت إبن السلطان .

عندما وصلت وريقة الحناء إلى بيت إبن السلطان قام باستقبالها بنفسه فرافقها إلى القصر وعاشت معه عيشه سعيدة لا يكدر صفوها شيء

كاد خلالها إبن السلطان أن ينسى زوجته الأولى التي دفعتها الغيرة من وريقة الحناء إلى التآمر مع ماشطة ساحرة بأن تقوم بتحويل وريقة الحناء إلى طائر فوافقت الماشطة على القيام بذلك.

وذهبت ذات يوم إلى وريقة الحناء لتمشط لها شعرها كعادتها. قامت بغفلة منها أثناء تمشيط شعرها بغرس عدد سبع شوكات مسحورة من شجر الطلح في مؤخرة رأسها تحولت بعدها وريقة الحناء إلى طائر ( جولبة ) طارت من شباك الغرفة إلى خارج البيت….

يتبع …

قصة وريقة الحناء الجزء السادس والاخير

….. ذهبت الماشطة الساحرة ذات يوم إلى وريقة الحناء لتمشط لها شعرها كعادتها قامت بغفلة منها أثناء تمشيط شعرها بغرس عدد سبع شوكات مسحورة من شجر الطلح في مؤخرة رأسها تحولت بعدها وريقة الحناء إلى ( جولبة ) طارت من شباك الغرفة إلى خارج البيت .

راح إبن السلطان يبحث عنها من مكان إلى مكان فلم يعثر عليها . وعندما تملكة اليأس قام باتهام أباها بخطفها وإخفائها عنه بغية ابتزازه . فأمر بحبسه وربطة إلى مربط الخيل حتى يحضرها اليه.

في صباح اليوم التالي ذهب بتول إبن السلطان كعادته يسوق الأثوار إمامة إلى الوادي وراح يحرث الأرض وإذا ( بجولبه ) تسقط فوق شجرة قريبة منه راحت تناديه قائلة :

ـيا بتول . يا بتولين .. كيف حال الحريوين ؟ .

أجابها البتول قائلاً : مستريحين مريحين لكن أبيك بين أرجل الخيلين .

سمعت الجولبة منه ذلك وراحت تبكي وتبكي وتستمر بالبكاء ، حتى هطل المطر من شدة بكائها فتوقف البتول عن الحراثة وساق الثور عائداً إلى القرية

وعندما رآه إبن السلطان عائدا قبل الأوان على غير عادته سأله عن سبب ذلك فأجابه البتول بأن شدة هطول المطر في الوادي منعه من الحراثة سمع إبن السلطان منه ذلك فأنصرف لشأنه متعجبا .

وفي اليوم التالي ساق البتول الثور كعادته صباح كل يوم وذهب ليحرث الأرض وما أن شرع بذلك فإذا بنفس الجولبة تسقط فوق الشجرة التي سقطت عليها في اليوم الأول ،

وراحت تناديه بما نادته بالأمس فأجابها البتول بنفس إجابته في اليوم الأول راحت (الجولبة ) تبكي واستمرت ببكائها حتى هطل المطر لم يستطيع معه البتول من مواصلة حرث الأرض فساق الثور وعاد به إلى القرية .

وعندما سأله إبن السلطان عن سر عودته مبكرا أجابه البتول قائـلاً : المطر الشديد الذي هطل في الوادي منعني من الحراثة .

تعجب إبن السلطان من كلامه وقال له غاضبا إني لا أتعجب كيف يهطل المطر فقط بالوادي ولا يهطل لدينا هنـا

فأخذ البتول يقص عليه حكايته مع ( الجولبه )التي يهطل المطر من شدة بكائها حينما يلتقي بها وتبدأ بمخاطبته تعجب إبن السلطان من أمر تلك الجولبة وقرر معرفة حقيقة أمرها والذهاب معه صباح اليوم التالي .

وفي اليوم التالي نهض إبن السلطان من نومه كعادته مبكرا وخرج مع البتول الى الوادي لكي يستطلع الامر عن قرب وجلس على مقربة من المكان الذي شرع البتول في حراثتة ،

متخذا من صخرة كبيرة مكانا يحتمي به من هطول المطر عليه وإذا ( بالجولبة )تسقط في مكانها المألوف على الشجرة القريبة من البتول .

وأخذت تناديه: يا بتول .. يا بتولين .. كيف حال الحريوين؟

فأجابها البتول قائلا مستريحين مريحين لكن أبيك بين أرجل الخيلين

سمعت ذلك منه وراحت تبكي وتسترسل في البكاء حتى هطل المطر من كثرة بكائها فأراد البتول أن يتوقف عن الحراثة ويعدود إلى البيت فمنعه إبن السلطان وأمره بمواصلة الحراثة وأتجه نحو صخرة قريبة قعد تحتها ريثما يتوقف المطر.

ماهي إلا فترة بسيطة حتى طارت الجولبة من فوق الشجرة وسقطت بالقرب من الصخرة وراحت تمشي حتى وصلت إلى مكان ابن السلطان فمسكها بيده وراح يتحسسها باليد الأخرى وإذا بأصابعه تعثر على رؤوس الشوك والإبر المغروسة في مؤخرة رأسها ،

فراح ينزعها واحدة بعد الأخرى حتى أخرجها كلها وإذا بها ترجع إلى صورتها الأولى وريقة الحناء تقف أمامه وجها لوجه ففرح بها وعادا إلى البيت وهي تقص له ما صنعته الماشطة العجوز فطردها من البيت وطلق زوجته الأولى وأطلق سراح أب وريقة الحناء وأكرمه وعاش مع وريقة الحناء في سعادة وهناء

تمت انتهت القصة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button